وكلاء التحرير غير السياسيين وفقا لهربرت ماركوز
الملخص
لقد حاولنا من خلال هذا البحث أن نتطرق إلى الدور التحرّري الذي نسبه هربرت ماركوز لكل من الصناعة المتطورة (الأطممة) والعمل الفني.
أما فيما يخص الدور التحرّري للتكنولوجيا الحديثة ( الأطممة)، فإنه يتمثل في القضاء على الاغتراب السائد في المجال الاقتصادي والاجتماعي، فضلا عن العلاقات الإنسانية التي تظهر في صورة التشيّؤ. لهذا السبب رفض ماركوز الآلية القديمة، لأنها تتسبب في خلق نوع من العبودية في العمل والمجتمع عامة، لذا اقترح ماركوز الخروج من تلك الوضعية، باتخاذ الأطممة كوسيلة تقنية تحررية، بشرط أن تصبح عامة وتشمل كل قطاعات النشاط الاقتصادي. فالدور الأساسي للأطممة هو القضاء على التشيّؤ في العلاقات الاجتماعية والمهنية، فضلا عن كونها تخلق ما يسمى بـ"الوقت الحر" الذي يدعو إليه ماركوز ، والذي يعتبر أساس كل تحرّر إنساني، وكل حضارة إنسانية جديدة. كما أنّ القضاء على العمل الشاق، بفضل الأطممة، لا يعني القضاء على العمل كعمل، بل القضاء، فقط، على العمل الشاق. لأن ماركوز يرى، على خلاف ماركس، بأنّ السعادة ممكنة في العمل، في حين أنّ ماكس يرفض ذلك، لأن العمل عنده مصدر شقاء. فماركوز يعتبر الأطممة هي أساس السعادة في العمل، لأنها تقضي على العمل الشاق، وبإمكانها أن تحوّل العمل إلى تسلية وإلى مصدر سعادة. كما أنها تقضي على الندرة (Anankè) في المجتمع.
وزيادة على الدور التحرّري، الذي تلعبه الأطممة، فإن ماركوز أعطى وظيفة تحرّرية للعمل الفني، من خلال تأثيره على البنية الفوقية للإنسان. فلا شك أنّ الفن يؤثر على ذهنية الإنسان ويولّد فيه الوعي الكافي لخلق عالم جديد. فبهذه الكيفية يخلق الفن "حسيّة جديدة " بإمكانها دفع عجلة التغيير. ولا ريب أنّ الإبداع الفني يقوم أساسا على المخيّلة، التي ترفض ما هو سائد، وتطرح الجديد المحرّر. و زيادة عن المخيّلة، فإنّ ماركوز يعطي أهمية بالغة لمقومات فنية أخرى كالاهتمام بالشكل، والذاتية في العمل الإبداعي، والإستقلالية، والتصعيد (Sublimation) الجمالي للعمل الفني.